:


ظلي يا ثاني اثنين يسكنان بي .. !!




ظلي .. يا ثاني اثنين متقمصين بي
ظلي .. يا ثالث ما يرسمني – أنا و النور وأنت -
وكأن كلا منا يدرك أنه بمعرفة الآخر – يزداد طولا –
ظلي .. يا صاحبي - أنت لست أنا , أنت مسلوب مني أنا -
أجلس وإياك ولكن لا أحد منا يسأل عن هوية صاحبه
نتجادل من منا أطول قامة , من منا يملك جناحان , من منا ظل الآخر
لم أكن أعرف أن هنالك أجساد لا تملك ظلال
أنت تقول أنني ظلك وأنا أقول لك أنت ظلي
ولست أدري أي شيء أعجب من حديثنا معا
انظر إليك لولاي فأنت لا تكاد ترى
أنت لست بمعجزه أو شيء غريب
أنت تبحث عن الغرائب حين تتبعني
والأشياء التي تعودت رؤيتها هي أغرب من الأشياء التي تبحث عنها
تماما كملاحقتك لي
ظلي يا ثاني اثنين يرسماني على جدار من طين
بفراغ من أي شيء
ها أنا أمد يدي إليك فخذها لا لـ أجل المصافحة
فهي ممدودة منذ ألف عام لظلك أنت
لعلك يوما تعترف بأنك ظلي لا أنا ظلك
يا ظلي يا ثاني اثنين يبعثان بي بين ثنايا الحلم
يا وجهي الآخر الخالي من أي شيء
ها أنا أبتسم لك بدون خبث
ابتسامة بريئة لا تميت القلب والروح والجسد
ظلي يا ثاني اثنين يشتركان معي ذات الصورة
أنا وأنت والإطار






مات بوارو إنها النهاية , لا أعتقد أنني سأعود لـ أقرأ لك مرة أخرى , تبا لك لما قتلتيه ؟! اسمعي سأضع قراءاتي جانبا الآن , لدي شهية مفتوحة للخروج – للنزهة –
أسمع سعال علي في غرفة الجلوس , صديقي في السكن يعمل معلم لغة عربيه في المدرسة المجاورة لنا , منكبا على – دفاتر الطلبة – يدقق فيها , شخص رائع , أمين أقول لنفسي دائما – هنيئا لك يا سرور بصديق مثله –
احححم , علي أنا خارج , ربما أتأخر فلا تقلق
- : إلى أين؟!
- : إلى لا مكان , أقصد لا مكان معين , لقد مات بوارو
- : من ؟!
- : لا عليك , هل تريد مني شيئا أحضره لك معي
- : لا , شكرا سرور
في طريقي للخروج دخل – عاطف – شريكي الثاني في السكن – لاحظوا أنني قلت شريكي وليس صديقي – لا أستلطفه ككائن حي , من أولئك الناس الذين أضطر لأن أصطنع الابتسامة أمامهم وما أن أدير لهم ظهري حتى أحل محل الابتسامة تكشيرة ازدراء , في الحقيقة ليس هناك سبب واضح أو محدد لتصرفي معه هكذا ولكن أنا كإنسان عادي لا أملك مفاتيح مشاعري.
- : سرور , أخارج أنت ؟!
- : نعم , أنا مستعجل عاطف , سأعود مساءا
أدرت محرك سيارتي وسرت بها لا إلى وجهة معينه , لن أعيد بوارو حتى لو جلت المدينة على قدمي , مضت فترة طويلة على اختفاء ياسر شريكنا الرابع في السكن , سألنا عنه أهالي المدينة , أهله وكانت الإجابات تناقض بعضها بعضا .
سرقني من حديث أفكاري ذاك صوت غريب في محرك السيارة , ثم توقفت وتعطلت , تبا لها فأنا اليوم بحاجة لها أكثر من أي يوم آخر
لا عليك يا سرور طالما أنك ترتدي حذاء , وتملك قدمين قويتين فلا بأس بأن تجربهما وتختبر مدى صلاحيتهما اليوم
تركت السيارة متوقفة بعد أن رميت عليها وابلا من الشتائم , سرت على قدمي هائما أجول في الشوارع , استوقفني رجلا غريب المظهر , صغير الحجم , وقال لي وهو يلوح بيد ويعبث بياقة رداءة خلف رقبته تماما بالأخرى
- : سيدي دعني ألتقط لك صوره
- : ولماذا , وهل أنا مشهورا حتى تأخذ لي صوره
- : الصور إثبات
- : إثبات لأي شيء؟!
- : إثبات أن ظلك أطول قامة منك , ومن منكما ظل الآخر
- : لا .. أنت لست بخير أنا أكيد
- : دعنا نتأكد إذن
- : تفضل
اقترب مني وعدل من وقفتي ثم التقط لي صوره , وأعطاني إياها بعد شرح طويل لم أدرك معنى معظمة , فقط ليؤكد لي أن ظلي أطول مني وأنني أنا ظل ظلي وليس ظلي هو ظلي, جادلته كثيرا ولم يأبه بي وكما ظهر في طريقي فجأة اختفى بطريقة غامضة , وترك معي صورتي وظلي وأنا نتعارك حول ما إذا كان أطول مني قامة ومن منا ظل الآخر .
رأفة بي يا ظلي , أنت مؤكد تسعى إلى إتلافي لا ريب , ألست تعلم أنك ظلي , وأن ظهورك هكذا ليس قدرا فجائيا محضا , يمكنني أن أغيبك أيضا كما جئت بك.
لا زال مصرا أنه أطول قامة مني , وأنني ظله , أنا أعمل الآن لـ أثبت له أنه ليس أطول قامة مني , سرت ألتفت حولي كالمعتوه أحدثه ولكني للرائي أحدث نفسي , صعدت على مقعد على الرصيف وأنا أصرخ به انظر أصبحت أطول منك قامة الآن , قاطعني صوت :
- : يا ولدي من تحدث
رجل كبير تبدو عليه إمارات الإيمان , تبين لي بعد حديثنا أنه إمام مسجد الحي
- : أحدث ظلي , بربك انظر إلى الصورة من منا أطول قامة , ظلي أم أنا , ثم , ثم أنه من منا ظل الآخر
تمتم بـ لا حول ولا قوة إلا بالله , وهو يهز منكبيه ويضرب كفيه ببعضهما ثم وجه حديثه إليّ
- : ما اسمك يا ولدي
- : سرور
- : ما رأيك يا سرور أن تأتي معي الآن إلى المسجد لـ إقامة صلاة المغرب
- : أتعدني أن تخبرني حينها من أطول قامة أنا أم ظلي
- : نعم يا بني أعدك
سرنا سوية نحو المسجد وهو يتمتم بكلام كثير , وأنا ألتفت يمنة ويسره أطارد ظلي , صليت جماعة وأي صلاة صليتها فظلي شاركني كل ركعة فيها , لم أدع مجالا للإمام أن يخبرني كما وعدني , فقط كنت أريد الخروج لـ أتأكد , بباب المسجد حيث الأحذية بأنواعها لفت نظري حذاء عال , وأي رجل أحمق هذا الذي يرتدي حذاء عالي , لم أدعها من فرصة كي تفوتني فهو سيثبت لي ولو بالحلية أنني أطول منه قامة , إرتديتة وهربت .
توقفت ألتقط أنفاسي , وإذ بظلي منعكسا على الجدار , أكاد أراه يبتسم بخبث قلت أحدثه فقد تذكرت أنني رأيت في آخر الشارع مركز يبيع دهانات :
- : قف هنا لا تتحرك , دقائق وسأعود
دخلت محل بائع الدهانات وقلت له :
- : أعطني فرشاة صغيرة ودقيقة , وعلبتين دهان , واحده سوداء وأخرى بيضاء .
عدت بهما إلى ظلي , ما زال واقفا بالجدار ينتظرني , فتحت علب الدهان وبدأت أرسم ظلي بالجدار وأنا أحدثه
- : هي دقائق فقط وتظهر الحقيقة , ثواني فقط
حتى انتهيت أخيرا من رسمه , فإذ بجماعة غريبة ترتدي الأبيض , تطوقني وتحملني وأنا أصارعهم , وأضحك بصوت عال , وأقول له
- : أرأيت أنا أطول منك قامة , يا ظلي يا ثاني اثنين يسكنان بي , أنا وأنت والجدار.

هذا ما حدث يا علي , يعتقدون أنني جننت وأحضروني إلى هنا حيث المجانين
هز علي رأسه مستنكرا , وقال :
- : تعلم يا سرور , ظلك على الجدار ما زال واقفا , أصبح مكان يرتاده السواح , أصبحت مشهورا يا صديقي , سيأتون يوما ليلتقطون لك صورا
- : علي , لقد مات بوارو يا علي
- : بوارو من
- : لا عليك




أكمل قراءة بقية الموضوع »

أحلام معلّبه للبيع .. !!



لست سوى حالمة حمقاء أشطح بأحلامي بعيدا حتى أفوق من حلم آخر وآخر
أجمع أحلامي وأعلبها وأحكم غطاءها ,لم يعد يخيفني ولكنه أتى لسرقة المزيد منها , حتى نفذت أحلامي المعلبة , أنظر إلى الرف حيث كانت مكدسه هو شبه فارغ الآن .
ينظر إليّ فأقول له غاضبه :
- : لقد تجاوزت حدك معي , أما يكفيك ما أخذت إلى الآن.
إبان هذا تحولت ملامحه تنبئ أنني- شطحت - سبقت أحلامي بثوان فقط .

.
.



.
تقنية الأحلام :

أحلامي تقنية خاصة تشبه التقنيات الحديثة أتحكم فيها عن بعد , أختارها بعناية , وأختار من يرتادها من- الأطياف- الأحداث - أغلفها أعلبها وأحتفظ بها لوقت الحاجة .
أنا بحاجة الآن لأحلم بكم , أنا لا أتمنى فالأمنيات كاذبة , والأحلام خادعه , والواقع مر , وكلها تضاف كمواد حافظه لـ أحلامي المعلبة.
في أحلامي فقط يمكنني أن أتمرد على شرانقي الحريرية التي ولدت فيها , أن أمزقها , لأشعر أنني معنية بأن أبقى
وأن الله لم يجيء بي إلى هذه الدنيا عبثا حتى لو أخذني في اليوم الذي يليه .
وكما قلت سابقا فإن تقنية الأحلام وحدي فقط أملك براءة اختراعها
بعد اختبارها لمدة - 22 - عاما على نفسي قررت حين غفلة مني نشرها – تصديرها – عرضها - للبيع.

لجذب الانتباه :
نلت براءة اختراع
وجائزة نوبل للأحلام المثالية
ودخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية لـ امتلاكي أكبر عدد معلب من الأحلام القابلة للتحقق
مقابله تلفزيونيه مع- أوبرا - حيث أهدت جمهورها المتواجد معها على المسرح علبه لكل فرد .

خطوات التنفيذ :
راسلت منظمة الأمم المتحدة وطلبت منهم إنشاء منظمه تهتم بحقوق الأحلام
فالشعوب تهان – تتعرض للعنف – تقتل – تسلب الإرادة - الوطن - حتى في أحلامها
يقطع عنها البث دون سابق إنذار تحت شعار – نكتفي بهذا القدر من حلمك - عزيزي العميل نظرا لتأخرك في النوم ستقطع الخدمة – البث – عن حلمك مؤقتا .
أخبرت حكومتي بقراري وكان الرد الموافقة شريطة أن تكون لهم نسبة – 30% - من الأرباح
وأن لا تشتمل الأحلام على بلدين أفغانستان وإسرائيل
هيئة كبار العلماء أصدرت فتوى بجواز الأمر ثم قامت بإصدار فتوى بتكفير من يشتري منها ثم عادت وأصدرت فتوى بتحريم الأمر لسد الذرائع
وكأني به ظلم كبير , عرضت مشكلتي على منظمة حقوق الأحلام – والتي وجدت لهذا السبب - أنصفتني بأن جعلت النسبة – 5% - فقط وتجاهلت الباقي
ولكن عليّ في البداية أن أحصل على موافقة – أمريكا –
وافقت هي الأخرى شريطة أن تكون لها – 80 %- من الأرباح وأن أتعامل بالدولار كعمله والإنجليزية لغة تخاطب ومنع حمل الأسلحة بجميع أنواعها
هنا لم تنصفني منظمة حقوق الأحلام بدعوى أن أمريكا تعمل لصالح الشعوب وهي من تتحكم في إمكانية البث المباشر أو المسجل
ثم أنه على فرنسا أن توافق على ارتداء الفتيات الحجاب حين يتضمن الحلم التواجد على أراضيها – بالتأكيد طلبي قوبل بالرفض
وكان رد المنظمة أن أكتب تحذير على كل علبه يتضمن عدم ارتداء الحجاب في الحلم
اليابان كدوله صناعية – خبيثة - بعثت لي برسالة تشجيع وطلب شحنة كبيره جدا ومبلغ مالي أكبر – لتعمل أبحاثها وتنجح في الحصول على الوصفة-
لندن طلبت أن يكون التوقيت – بتوقيت جرينتش –
إنشاء قمر صناعي – Dream Sat - لضمان الجودة والمساعدة على النشر .
السماح مستقبلا بافتتاح قنوات فضائيه مادتها أحد أحلامي .

الموافقة :
اقتنعت مرغمه , قضيت ليلتي وأنا أشبه بالإنسان الحالم
فأحلام اليقظة كثيرة , ولكن حين أرمي بنفسي داخل أحضان النوم تراودني أحلام أكثر , سئمت أحلامي
هنا أنا لا أبيع تلك الأحلام التي تراودني أثناء النوم
لا أسميها أحلام هي – منام – كابوس - ولست أذكر متى آخر مرة رأيت فيها منام كلها كوابيس .

مواصفات البضاعة :
يقول المثل – مد أحلامك على قد آمالك –
_ويا حلم اليوم بفلوس بس تنام يصير ببلاش –
_والحلم ما يجي عبث –
وكحال جميع السلع الأخرى , أملك ضمن بضاعتي الرديء – الكامل
– منتهي الصلاحية – دائم الصلاحية – منزوع الدسم - الثمين – البخس
– بجميع الألوان – مشوش – منقطع البث – صافي – سريع – بطئ
- أحلام عاطفيه - أحلام ورديه
- كوابيس – لمن لديهم ميول- إجرامية – إرهابيه
وصفات أخرى تجدونها في الكتيب المرفق – مع ضمان لمدة ثلاث ساعات .

إعلان تجاري :
عزيزتي – عزيزي – الحالم يمكنك الآن التمتع بذلك التواطؤ السري للأحلام في تحقيق أحلامك
فقط عليك أن تشتري حلمك وتضعه بعد فتحه نصب عينيك و تنام
قد تتقاطع الطرق – البث – ولكن ستلتقيها في نهاية المطاف ربما حين تستيقظ فلا تستعجل
مع – الحلم الشارد – يمكنك فعل هذا بكل سهوله
أرسل كلمة حلم على الرقم الظاهر يمين الشاشة ... إلخ
كما أنه يمكنك طلب تعليب حلم بمواصفات معينه فقط عليك إرسال كلمة حلم يتبعها مواصفاتك الخاصة للحلم على الأرقام الظاهرة يسار الشاشة
يصاحب الإعلان فتاة حسناء- الممثلة التركية التي نعرفها باسم لميس - تحكي قصة واقعيه كيف أشترت حلم عاطفي وتحقق
تأثيرات موسيقيه .

سأفتح – دكان – في آخر الحارة
سأضع بمدخله إعلان – التعامل بالدولار فقط _
– يجب أن لا تطغى الجواهر على الجوهر -
-قلة فقط من ستفتح لهم أبواب الدنيا من جانبها المادي -
-يجب عليك أن لا تصاب بسعار الرغبة في زيادة أحلامك -
– الامتناع عن شرب القهوة والمسهرات فالأحلام تعمل ليلا فقط -

النتيجة :
ثروة هرميه , مشاعر متخشبة
نجاح مادي باهر , تبعه فشل إنساني ذريع
تقليد , سرطنه
- تردى الحال حتى وصل – اشتري حلمان والثالث مجانا - أخيرا المحل للتقبيل .



لن أقول أن يد خفيه استدرجتني لكتابه هذا ولكنه حلم منتهي الصلاحية – منقطع البث – لم أكمله – نكتفي بهذا القدر -










أكمل قراءة بقية الموضوع »

لا .. لست بحلم .. !!





لا .. لست بحلم
(أحن إلى خبز أمي , وقهوة أمي , وتكبر فيّ الطفولة .. )
استيقظ حسن على صوت الأغنية من منبه هاتفه النقال متعجباً :
- : كيف أصبحت هذه نغمة التنبيه , من عبث بهاتفي النقال؟!
لا يهم , المهم الآن إني أحن فعلاً إلى خبز وشاي بالحليب من يد أمي
نهض من سريره , غسل وجهه ثم وقف ملياً يتأمل ملامحه في المرآة ويُحدث نفسه
- : لست على ما يرام اليوم يا حسن





كان لديه شعور بالضعف والذي كان ينزع منه شعور التبلد العاطفي واللامبالاة التي طالما اشتهر بها , غسل وجهه أكثر من مره, راح يهز رأسه بقوه عله يُخفي هذا الشعور الغريب المثقل بعوامل مختلفة من الكآبة والحزن , ليعيد وضع قناع البرودة واللامبالاة , تناهى إلى مسامعه صوت سعال والدته وهي حتما تُعد الإفطار ,وهو تحت تأثير شعوره الغريب هذا الصباح , وكعادته أشعل لفافة تبغ وأخرج رأسه من النافذة حتى تنتشر رائحتها خارجا , لم يعشر برغبة في إكمالها ولأول مره أطفأها في حافة النافذة ورماها , فقد اعتاد أن يلقي بها مشتعلة ,ارتدى ثيابه , وضع عطراً وبمجرد أن استنشقه حتى خفق قلبه , لشيء ما ذكرته به هذه الرائحة لم يعرف ما طبيعته – انه إبراهيم , لماذا أتذكر إبراهيم هذا الصباح ؟! – فقط هي رائحة العطور حين تعتادها من شخص ما يكفي فقط أن تشمها بعد حين حتى يخفق قلبك بذكراه , رائحة العطور هي المنعش الأول لأطياف
الذاكرة , جلس على حافة سريره يضغط على رأسه بشده يبدو أن هذا الشعور المفاجئ بدأ يؤذيه
.



خرج من غرفته وجد طعام الإفطار جاهزاً , خرجت رغما عنه جملة – صباح الخير أمي

أمام المرآة في الممر الضيق الذي يُفضي إلى غرفتها كانت أخته سعاد تقف تتزين تستعد ليومها الدراسي , وحين سمعته انتبهت ونظرت إلية متعجبة وهي تمسك بخصلات شعرها ثم افترت شفتاها بقول ما لم يكن مفهوما ولكنة يعبر عن استنكارها.
جلس حسن على المائدة , ينظر إلى والدته تحرك الشاي بالحليب بطريقة رتيبة ,ناولته إياه تلقاه منها بقولة – شكراً أمي – حين سماعها لكلمته ظلت والدته ممسكة بالكوب لفترة حتى لامست أناملها يده فتركته , أما حسن فقد عاوده ذلك الشعور الغريب , أخذ رشفة ثم تأمل الكوب مليا وبدأ ويحدث نفسه
- : ماذا لو خرجت الآن وإذ بي حين أعود لا أجدها – يقصد والدته –
نظر إليها , ترتدي جلباباً داكن اللون , شاحبة اللون , كل طاقة حياتها من التضحية والحب تركزت حوله وأخته , تركزت حول رعايتهم , راحتهم والدفاع عنهم حتى على حساب راحتها, ولأول مرة شعر اتجاهها بمشاعر الابن لأمه , قطعت حبل تأملاته سعاد جاءت مسرعة , احتضنت والدتها كثيرا وقبلت جبينها وكفها وطلبت منها أن تدعو لها.
هنا فقط تيقن أنه تخلى تماماً عن اللامبالاة وتبلد المشاعر , فقد هزه تماماً ما حدث من سعاد تجاه والدته , وقف حمل كتبة الجامعية , سار حتى الباب , توقف برهة يفكر , ماذا لو يعود الآن ليقبل جبين والدته ويطلبها الدعاء , ثم استدار
- : أمي تريدين شيئا مني حين أعود ؟
- : أريد عودتك سالما يا ابني
خرج , توقف على عتبة الباب الخارجية , ثم جلس عليها , هناك الكثير من الأحداث المأساوية المُرة في حياة حسن , بدءاً من وفاة والده ثم مرض أخيه الأكبر إبراهيم ومن ثم وفاته, لم يتأثر بما حدث إطلاقا , فقط كان يكتفي بالجلوس على هذه العتبة يحدق في المارة هربا من النوح داخل المنزل , هو طموح جداً , الشيء الوحيد الذي يهتم لأمره هو دراسته فقط فهي تعني له تنفّس الحياة.
قال يحدث نفسه :
- : أوه يا الله ما بالي اليوم لست على ما يرام , لأول مرة لا أشعر برغبة في الذهاب إلى الجامعة , ماذا لو وقفت اليوم عاريا أمام ربي بأعمالي الخيرة أو الشريرة لأجيب على الأسئلة ؟!
بحسب النتائج المحسوسة ليس لدية رصيد كافي من الأعمال الخيرة تشفع له أمام ربة , ظل يفكر بشأن دراسته . كيف إذا مدح العالم بأسره علمه الذي اكتسبه وقد أغضب الله في الحصول علية .
نهض , ركب سيارته وانطلق بها ولا زال يفكر , استوقفه ازدحام شديد . استطلع الأمر إذ بها قطة مدهوسة بشكل مروع في منتصف الطريق . وأحد عمال النظافة يزيل أشلائها , فُتح جانب من الطريق يسمح بسيارة واحدة فقط للعبور , جاء دوره ليعبر , نظر نظره خاطفة على بقايا القطه , تفاجأ بقشعريرة بدأت تسري في جسده , وبتعرق كفيه , وبخفقان في قلبه , تجنب وأوقف السيارة
- : ويحك حسن ماذا دهاك ؟! حين شاهدت جثة طفل مدهوسة كهذه القطة لم تشعر بهذا الشعور , اكتفيت فقط بهز منكبيك مستنكراً , أوه يا ربي ماذا دهاني اليوم هل أنا مريض ؟! – تحسس حرارة جسده – أبدا لست محموما يا حسن , انه قلبي يخفق بشده نعم .. نعم انه قلبي , لقد نمت متأخرا ليلة البارحة – نظر في المرآة يتفحص عينيه – ما بها عينيّ تبدو كمن سُكب فيها ماء المحيط , يبدو أنني أحلم.
أدار محرك السيارة وسار بها , توقف أمام سوق الذهب ذو الممرات الضيقة , تجول فيه , ألقى نظره عابره على امرأة رثة الهندام تجلس على الرصيف برفقتها طفل في الرابعة تستجدي المارة , دخل محل صائغ ذهب واشترى قلادة لوالدته منقوش عليها آية الكرسي , أثناء خروجه عرج على المرأة رثة الثياب وترك في راحتها مبلغا لا بأس به من المال , وعاد إلى المنزل , أدخل المفتاح في القفل وأداره ,فتح الباب ودخل , والدته كانت تجلس على الأريكة في غرفة الجلوس تقرأ القرآن بصوت خافت , تفاجأة حين شاهدته وركضت نحوه تتحسسه وقد امتلأت رعبا
- : حسن يا بني هل حدث لك مكروه ؟! لماذا عدت ؟ّ ما بك هل أنت مريض ؟
- : أمي .. أمي كل ما هنالك أنني نسيت كتابا وعدت لآخذه , وجدتها فرصة لأشري لك هديه – أخرج القلادة وألبسها إياها –
- : لماذا يا ابني وجودك أنت وسعاد في حياتي هو أكبر هدية بالنسبة لي
احتضنها بقوه وقبل رأسها وكفيها , وهي اكتفت بأن رفعت كفيها تدعو له بدعاء الأمهات, فرحة بما غمرها به من برّ مفاجئ.
سار هو عبر الممر الضيق الذي يُفضي إلى غرفته ثم استدار وذهب باتجاه غرفة سعاد , دخلها تأملها , أخرج بعض المال من محفظته لفه بورقة كانت على مكتبها وكتب – سعاد كنت أنوي أن أشري لك هدية , لا أعرف ما يناسبك فتفضلي هذا المبلغ واشتري به ما يناسبك –
خرج من حجرة سعاد , من المنزل وصوت دعاء والدته لا زال مرفوعا , ركب سيارته وانطلق باتجاه جامعته يبدو أنه الآن أصبح يشعر بتحسن ورغبة في حضور محاضراته الجامعية , ويبدو أن الازدحام قد انفض , وفي نفس المكان الذي دُهست فيه القطه عاوده الشعور بخفقان شديد في قلبه وعاد ذلك المحيط إلى عينيه حتى فقد الرؤية , حاول أن يوقف السيارة جانبا ولكن يديه كمن تخشبت لم يعد يستطيع لها حراكاً , صوت اصطدام مدوي, ثم , فقد الوعي.
فاق حسن من الإغماءة الخفيفة أثر الاصطدام يحدث نفسه وهو يتأمل سيارته كان المشهد الأخير الذي ازدحم في مخيلته هو حادث الاصطدام
- : السيارة سليمة , وأنا كذلك , ألم يكن هناك حادث اصطدام , أعتقد أنني غفوت حين توقفت في المرة الأولى وكل ذاك كان حلم .
استدار بسيارته وعاد إلى المنزل أدخل المفتاح في القفل أداره , فتح الباب ودخل , والدته كانت تجلس على الأريكة في غرفة الجلوس تقرأ القرآن وتبكي وهي تضم بين كفيها قلادة من ذهب منقوش عليها آية الكرسي , وسعاد ترتدي ثوبا داكنا تجلس قرب النافذة وتبكي هي الأخرى وبيدها ورقة , خرج حسن وأقفل الباب وجلس على العتبة الخارجية يحدق في المارة هاربا من النواح داخل المنزل وقد صُبغ وجهه بصفرة الأموات , بمرارة قال:
- : لا .. لست بحلم يا حسن .






أكمل قراءة بقية الموضوع »

بعض الغرباء !!



بعض الغرباء .

إذ أعود إلى الماضي , الماضي القريب بعض الشيء لأتذكر نفسي , أعتقد أنني كنت غريبة الأطوار نوعا ما , يفسر هذا لأنني كنت طفلة أمي , بين أقراني كنت انطوائية , خرقاء مرتبكة , عاداتي على النقيض تماما منهم , كنت بلا أصدقاء , بل كنت أجتذب دائما الأصدقاء غريبي الأطوار , كانوا يختفون بشكل غير مبرر , ربما ينتقلون إلى مدرسة أخرى , كنت أعتقد أنهم يموتون حتى ارتبط في ذهني أنني جالبة للنحس أو الموت , أو كما يتندر ممن هم حولي أن شخصيتي كانت مخيفة .






(ورد) هو اسمي ولدت في بيت متواضع جدا , لأبوين قنوعين بما أعطاهم الله إياه , ساعة ولادتي لم أصرخ صرختي الأولى – صدمة الميلاد – يعزى سبب انطوائيتي لهذا السبب , ولست مقتنعة تماما بهذا السبب .
في سن التاسعة, في ذلك الوقت تقريبا بدأ أبي يواجه مشاكل في مقر عملة مما اضطره إلى أن ينتقل إلى فرع آخر في مدينة أخرى إلى مقر آخر مريح , كان الانتقال أمرا غامضا بالنسبة لي بكل تفاصيله .

حين استقرينا في بيتنا الجديد بدأت أفتقد أشيائي التي تركتها هناك خصوصا كفوفي الصغيرة المطبوعة بمختلف الألوان على الحائط الخلفي للمنزل , ورسوماتي وأحرفي , وأخيرا قبر طائري , فبعض الأشياء أبدا لا يمكن نقلها , تظل رهينة مكانها , لا تنفع أي فدية لإطلاق سراحها , خصوصا تلك الأركان التي كثيرا ما كنت أفرغ غضبي الصغير فيها .




بدأت أعتاد بعض الشيء على بيتنا الجديد , بدأت أخرج من انطوائيتي بحلولنا جيران
لعائلة لديهم طفلة في مثل سني , كانت تعيش مثل أي فتاة , تتسم بصفة العاطفية الحسية لكن ليس بطريقة فتاة في مثل سنها أبدا , منبسطة الصدر , مثل أمي , أخذتني الحيرة بدأت أقارن جسدي بجسدها كنت معتده بنفسي قبل أن أقابلها فقد كانت تتميز بأشياء لا أملكها أنا , يداها جميلة ملونة بالحناء , تفوح منها رائحة العطور الزكية .


أصابني ذهول , حتى أيقنت أنني حقا غريبة أطوار لذا يبتعد الأطفال عن مرافقتي .
نجلس عادة على العتبة في الفناء الخلفي للمنزل , كانت كثيرة الحركة كلما سمعت هدير محرك سيارة تركض لتسترق النظر لترى صاحبها .

تخبرني عن ( فايز ) تتحدث دائما عنه وقد اعتادت القول أنه أرسل لها رسالة غرامية ثم تغمض عينيها وتقول كلاما كثيرا أغلبة لم أجد له معنى في قاموسي الصغير.

أحضرت لي ذات يوم الرسالة الغرامية تلك , مظهرها كان جميلا وإن لم أستطع قراءة المدون فيها بل تظاهرت بقراءته وأنا أهز رأسي تعبيرا عن جمال المكتوب فيها – قد سئمت كوني غريبة أطوار – إذ كانت تصرفاتها بجملتها مستنكرة أو منحرفة حسب العرف الذي أعرفه , مما زاد من انطوائيتي داخل البيت والكآبة اللاحقة التي ألمت بي , وعصبيتي التي اجتاحتني .
قررت أن لا أكون غريبة أطوار بعد اليوم , بدأت أسرق أحمر الشفاه من أدوات زينة أمي حتى حين أقابل (هند ) وهو اسمها بالمناسبة أكون مثلها ولست غريبة عنها , حتى تطورت السرقة إلى طلاء الأظافر.

أمي تلاحظ هذا الأمر مؤكد ولكن لست أعلم لماذا لم تعاتبني أو تتحدث بشأنه .

قد أثر أمر (هند) في توازني العاطفي بعمق , فكان سبب تصرفاتي الأخيرة غير المستقرة هو أن يكون لي شخصا ما يراسلني كما (فايز)

ذات يوم كما العادة نجلس على العتبة نتحدث في أمور كثيرة , لا أفقه معظمها , قالت لي
- : اسمعي ورد سيأتي فايز الآن وسيأخذني في نزهه الجميع يعلم أنني معك هنا فلا تعودي إلى المنزل حتى أعود

- : هند خذيني معك
- : لا أستطيع , لا أستطيع فأنت ستغطين عليّ في المرة القادمة سأجعله يأخذك أنت في نزهه
ذهبت وجلست أنا على العتبة أنتظرها بأحلام يقظة بمثل فايز يأخذني ليشري لي بعض الحلوى والدمى ويأخذني إلى مدينة الملاهي لألعب , حتى حل المساء وبعد حلول المساء بساعتين ولم تعد , انتابني القلق بشأنها , هل أخبر أمي ؟!

في تلك اللحظة جاء أبي وصرخ بي أن ماذا أفعل هنا حتى هذا الوقت بمفردي , أنظري إلى هند عادت إلى منزل أهلها لأنها تسمع كلامهم ليس مثلك وكلام آخر كثير بصيغة التوبيخ .
دخلت إلى منزلنا مع أبي وفورا دخلت لأنام خوفا من النتائج القادمة .

رن جرس الباب , قمت من سريري وألصقت أذني بباب حجرتي أسترق السمع , فإذا بها جارتنا أم هند تسأل عن هند , ارتعشت خوفا وهلعا .

فتحت والدتي باب حجرتي وصدمتني بالباب إذ كنت ملتصقة به أسترق السمع بادرتهم بأن أخبرتهم بكل شيء , كل شيء فلم أعتد الكذب وحفظ الأسرار فليس لدي أصدقاء لـ أتعلم منهم كيفية حفظ الأسرار والكذب على الأهل وإخفاء الأمور.

صدمني أن أم هند بدأت تصرخ بكلام غريب لم أفهم أغلبة ولكن كان في الأمر شيء ما يبدو أنه خطير للغاية
.
أرغمتني أمي على النوم بعد احتضانها لي لفترة طويلة لم أعتد عليها وهي تلعن ذلك اليوم الذي قدمنا فيه إلى هنا حتى نمت ولم أكمل البقية .

صحوت في الصباح وقد تأخرت على موعد المدرسة بساعات طويلة سألت أمي لما لم توقظيني للمدرسة اليوم وماذا حدث لهند هل عادت؟! مسكت والدتي يدي وأجلستني بقربها وبدأت كمن ستلقي محاضرة

- : اسمعي يا أبنتي حتى لو عادت هند لا أريدك أن تلعبي معها بعد اليوم ولا أظنها ستعود على أية حال – تقول ذلك بصوت خافت-

- : لماذا يا أمي لا أحد ألعب معه هنا غيرها

- : ورد يا بنيتي هند ليست في مثل سنك أبدا لن تفهمين ذلك الآن حين تكبرين ستفهمين هي مريضة لا تنمو جسديا , عقلها فقط يكبر لا تعودي تسألين عنها وانهضي الآن اغتسلي لتناول طعام الإفطار.


مرت الأيام ورحل جيراننا كما رحلنا نحن من قبل لم أعرف شيئا عن هند ولم أعد أرغب في معرفة أخبارها , لأنني من خلالها اكتشفت أنني لست غريبة أطوار , فخرجت من انطوائيتي وكثر رفاقي في المدرسة .

بعض الأمور يكفي أن لا تفهمها حتى تفهمها



أكمل قراءة بقية الموضوع »