:


ظلي يا ثاني اثنين يسكنان بي .. !!




ظلي .. يا ثاني اثنين متقمصين بي
ظلي .. يا ثالث ما يرسمني – أنا و النور وأنت -
وكأن كلا منا يدرك أنه بمعرفة الآخر – يزداد طولا –
ظلي .. يا صاحبي - أنت لست أنا , أنت مسلوب مني أنا -
أجلس وإياك ولكن لا أحد منا يسأل عن هوية صاحبه
نتجادل من منا أطول قامة , من منا يملك جناحان , من منا ظل الآخر
لم أكن أعرف أن هنالك أجساد لا تملك ظلال
أنت تقول أنني ظلك وأنا أقول لك أنت ظلي
ولست أدري أي شيء أعجب من حديثنا معا
انظر إليك لولاي فأنت لا تكاد ترى
أنت لست بمعجزه أو شيء غريب
أنت تبحث عن الغرائب حين تتبعني
والأشياء التي تعودت رؤيتها هي أغرب من الأشياء التي تبحث عنها
تماما كملاحقتك لي
ظلي يا ثاني اثنين يرسماني على جدار من طين
بفراغ من أي شيء
ها أنا أمد يدي إليك فخذها لا لـ أجل المصافحة
فهي ممدودة منذ ألف عام لظلك أنت
لعلك يوما تعترف بأنك ظلي لا أنا ظلك
يا ظلي يا ثاني اثنين يبعثان بي بين ثنايا الحلم
يا وجهي الآخر الخالي من أي شيء
ها أنا أبتسم لك بدون خبث
ابتسامة بريئة لا تميت القلب والروح والجسد
ظلي يا ثاني اثنين يشتركان معي ذات الصورة
أنا وأنت والإطار






مات بوارو إنها النهاية , لا أعتقد أنني سأعود لـ أقرأ لك مرة أخرى , تبا لك لما قتلتيه ؟! اسمعي سأضع قراءاتي جانبا الآن , لدي شهية مفتوحة للخروج – للنزهة –
أسمع سعال علي في غرفة الجلوس , صديقي في السكن يعمل معلم لغة عربيه في المدرسة المجاورة لنا , منكبا على – دفاتر الطلبة – يدقق فيها , شخص رائع , أمين أقول لنفسي دائما – هنيئا لك يا سرور بصديق مثله –
احححم , علي أنا خارج , ربما أتأخر فلا تقلق
- : إلى أين؟!
- : إلى لا مكان , أقصد لا مكان معين , لقد مات بوارو
- : من ؟!
- : لا عليك , هل تريد مني شيئا أحضره لك معي
- : لا , شكرا سرور
في طريقي للخروج دخل – عاطف – شريكي الثاني في السكن – لاحظوا أنني قلت شريكي وليس صديقي – لا أستلطفه ككائن حي , من أولئك الناس الذين أضطر لأن أصطنع الابتسامة أمامهم وما أن أدير لهم ظهري حتى أحل محل الابتسامة تكشيرة ازدراء , في الحقيقة ليس هناك سبب واضح أو محدد لتصرفي معه هكذا ولكن أنا كإنسان عادي لا أملك مفاتيح مشاعري.
- : سرور , أخارج أنت ؟!
- : نعم , أنا مستعجل عاطف , سأعود مساءا
أدرت محرك سيارتي وسرت بها لا إلى وجهة معينه , لن أعيد بوارو حتى لو جلت المدينة على قدمي , مضت فترة طويلة على اختفاء ياسر شريكنا الرابع في السكن , سألنا عنه أهالي المدينة , أهله وكانت الإجابات تناقض بعضها بعضا .
سرقني من حديث أفكاري ذاك صوت غريب في محرك السيارة , ثم توقفت وتعطلت , تبا لها فأنا اليوم بحاجة لها أكثر من أي يوم آخر
لا عليك يا سرور طالما أنك ترتدي حذاء , وتملك قدمين قويتين فلا بأس بأن تجربهما وتختبر مدى صلاحيتهما اليوم
تركت السيارة متوقفة بعد أن رميت عليها وابلا من الشتائم , سرت على قدمي هائما أجول في الشوارع , استوقفني رجلا غريب المظهر , صغير الحجم , وقال لي وهو يلوح بيد ويعبث بياقة رداءة خلف رقبته تماما بالأخرى
- : سيدي دعني ألتقط لك صوره
- : ولماذا , وهل أنا مشهورا حتى تأخذ لي صوره
- : الصور إثبات
- : إثبات لأي شيء؟!
- : إثبات أن ظلك أطول قامة منك , ومن منكما ظل الآخر
- : لا .. أنت لست بخير أنا أكيد
- : دعنا نتأكد إذن
- : تفضل
اقترب مني وعدل من وقفتي ثم التقط لي صوره , وأعطاني إياها بعد شرح طويل لم أدرك معنى معظمة , فقط ليؤكد لي أن ظلي أطول مني وأنني أنا ظل ظلي وليس ظلي هو ظلي, جادلته كثيرا ولم يأبه بي وكما ظهر في طريقي فجأة اختفى بطريقة غامضة , وترك معي صورتي وظلي وأنا نتعارك حول ما إذا كان أطول مني قامة ومن منا ظل الآخر .
رأفة بي يا ظلي , أنت مؤكد تسعى إلى إتلافي لا ريب , ألست تعلم أنك ظلي , وأن ظهورك هكذا ليس قدرا فجائيا محضا , يمكنني أن أغيبك أيضا كما جئت بك.
لا زال مصرا أنه أطول قامة مني , وأنني ظله , أنا أعمل الآن لـ أثبت له أنه ليس أطول قامة مني , سرت ألتفت حولي كالمعتوه أحدثه ولكني للرائي أحدث نفسي , صعدت على مقعد على الرصيف وأنا أصرخ به انظر أصبحت أطول منك قامة الآن , قاطعني صوت :
- : يا ولدي من تحدث
رجل كبير تبدو عليه إمارات الإيمان , تبين لي بعد حديثنا أنه إمام مسجد الحي
- : أحدث ظلي , بربك انظر إلى الصورة من منا أطول قامة , ظلي أم أنا , ثم , ثم أنه من منا ظل الآخر
تمتم بـ لا حول ولا قوة إلا بالله , وهو يهز منكبيه ويضرب كفيه ببعضهما ثم وجه حديثه إليّ
- : ما اسمك يا ولدي
- : سرور
- : ما رأيك يا سرور أن تأتي معي الآن إلى المسجد لـ إقامة صلاة المغرب
- : أتعدني أن تخبرني حينها من أطول قامة أنا أم ظلي
- : نعم يا بني أعدك
سرنا سوية نحو المسجد وهو يتمتم بكلام كثير , وأنا ألتفت يمنة ويسره أطارد ظلي , صليت جماعة وأي صلاة صليتها فظلي شاركني كل ركعة فيها , لم أدع مجالا للإمام أن يخبرني كما وعدني , فقط كنت أريد الخروج لـ أتأكد , بباب المسجد حيث الأحذية بأنواعها لفت نظري حذاء عال , وأي رجل أحمق هذا الذي يرتدي حذاء عالي , لم أدعها من فرصة كي تفوتني فهو سيثبت لي ولو بالحلية أنني أطول منه قامة , إرتديتة وهربت .
توقفت ألتقط أنفاسي , وإذ بظلي منعكسا على الجدار , أكاد أراه يبتسم بخبث قلت أحدثه فقد تذكرت أنني رأيت في آخر الشارع مركز يبيع دهانات :
- : قف هنا لا تتحرك , دقائق وسأعود
دخلت محل بائع الدهانات وقلت له :
- : أعطني فرشاة صغيرة ودقيقة , وعلبتين دهان , واحده سوداء وأخرى بيضاء .
عدت بهما إلى ظلي , ما زال واقفا بالجدار ينتظرني , فتحت علب الدهان وبدأت أرسم ظلي بالجدار وأنا أحدثه
- : هي دقائق فقط وتظهر الحقيقة , ثواني فقط
حتى انتهيت أخيرا من رسمه , فإذ بجماعة غريبة ترتدي الأبيض , تطوقني وتحملني وأنا أصارعهم , وأضحك بصوت عال , وأقول له
- : أرأيت أنا أطول منك قامة , يا ظلي يا ثاني اثنين يسكنان بي , أنا وأنت والجدار.

هذا ما حدث يا علي , يعتقدون أنني جننت وأحضروني إلى هنا حيث المجانين
هز علي رأسه مستنكرا , وقال :
- : تعلم يا سرور , ظلك على الجدار ما زال واقفا , أصبح مكان يرتاده السواح , أصبحت مشهورا يا صديقي , سيأتون يوما ليلتقطون لك صورا
- : علي , لقد مات بوارو يا علي
- : بوارو من
- : لا عليك



0 التعليقات:

إرسال تعليق